تحليل قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي، حيث نعرض لكم في هذا المقال الشامل التحليل المفصل لهذه القصيدة بشكل كامل بالتفصيل، وذلك يشمل حديث الشاعر والمفردات الأساسية أيضًا ومظاهر الجمال وغيرها الكثير.
تحليل قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي
في هذا المقال سنناقش الشرح والتفاصيل بالتدرج، حيث ستكون البداية عبارة عن الشرح الكلي للأبيات بالتفصيل، ومن ثم ننتقل باقي التحليل من حيث المعاني ومظاهر الجمال وغيرها الكثير وكل هذا بالترتيب.
الأبيات:
فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا
فيا دمشـقُ لماذا نبـدأ العتبـا؟
حبيبتي أنـتِ… فاستلقي كأغنيـةٍ
على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ
أحببتُ بعدك..ِ إلا خلتُها كـذبا
يا شامُ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها
فامسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوارِ مدرسـتي
وأرجعي الحبرَ والطبشورَ والكتبا
تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ بها
وكم تركتُ عليها ذكرياتِ صـبا
وكم رسمتُ على جدرانِها صـوراً
وكم كسرتُ على أدراجـها لُعبا
أتيتُ من رحمِ الأحزانِ… يا وطني
أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ والشُّـهبا
حبّي هـنا.. وحبيباتي ولـدنَ هـنا
فمـن يعيـدُ ليَ العمرَ الذي ذهبا؟
أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ بكامـلـها
ومن دموعي سقيتُ البحرَ والسّحُبا
فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها امـرأةً
و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها ذهـبا
هـذي البساتـينُ كانت بينَ أمتعتي
لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا
في هذه الأبيات المميزة يتحدث الشاعر عن الحب الكبير لدمشق، حيث يقول أنه يفرش أهدابه على تراب هذا البلد الجميل دمشق كما أنه يصور هذا البلد بأفضل الصور فيقول عن حبه الكبير لدمشق وعن التضحية التي هو مستعد لها لأجل بلاده.
كما يقول الشاعر أنه يرفض تمامًا أن تكون العلاقة بينه وبين دمشق عبارة عن عتاب وفقط ومثل من اللوم وغيرها، كما يصف الشاعر دمشق ويقول عنها أفضل الأوصاف مثل أنها حبيبته التي يطلب منها أن تنام على ذراعيه مثل الاغنية.
كما يطلب الشاعر من دمشق أن تنام فقط والا تسأل كثيرا عن السبب الذي دفعه ليطلب هذا الطلب الغريب، كما يقوم الشاعر أن دمشق هي بلاده وأنها جميع النساء في عينه وأنها الأخيرة في عينة مهما حدث وستظل المرأة التي لن يحب غيرها مهما حدث.
ويقول الشاعر أنه لو حدث وقرر أن يحب أحد النساء فهذا الحب لن يكون حقيقي وسيكون غاية في الكذب مهما تظاهر أنه يحب فعلا وذلك لأن دمشق هي كل النساء وكل الحب الذي راه وسوف سيراه في حياته بشكل عام.
وبعدها ينادي الشاعر على الشام هي الأخرى وهذا بهدف أن تحاول أن تخفف عنه ما يحس من ألم وجراح كثيرة يعاني منها، وهذا لأن فيه جراح كثيرة لا يعلم من يستطيع أن يداويها ويوفر لها العلاج المناسب في هذا الوقت.
كما يطلب الشاعر من الشام هي الأخرى أن تقوم بالمسح على راسه وهذا حتى يتم محو كل الملامح الغير جيدة من ملامح الحزن والتعب واليأس وغيرها من أي ملامح غير جيدة.
وبعدها تأتي البداية الرائعة للشاعر وهو يتحدث عن الشام وعن كثير الذكريات التي عاشها فيها حيث أنه يقوم بطلب طلب مستحيل من الشام وهي أن عليها أن تعيد هذه الذكريات بسبب كثرة الحنين الذي يشعر به نحو كل تلك الذكريات.
ويقول للشام أن تعيده للطفولة إلى أيام المدرسة الجميلة التي قضاها هناك، حيث كان يعيش بين الكتب الطباشير والحبر وذكريات جميلة للطفولة، ويقول الشاعر ويبدأ في استرجاع الذكريات التي كان يعيشها في الصبا.
حيث يصور هذه الذكريات بالجمال، ويتذكر بعدها الزورايب التي توجد في الشام ويبدأ في استرجاع ذكريات أكثر عن فترة الصبا والطفولة، ولكن هذه المرة يتذكر فترة الصبا التي كان فيها يقوم بالرسم على الجدران وهو يلهو ويلعب ويقوم بكسر الألعاب الخاصة به وقت اللعب، وفي النهاية ها هو جاء من رحم الأحزان التي توجد في البلاد الغريبة وهذا ليقبل تراب بلاده وأبوابها.
ومن بعدها يبدأ الشاعر في التعبير عن الحب والكبير لبلاده دمشق حيث يقول أن هذا الحب الكبير مزروع فيها وفي أراضيها وفي كل الأماكن، كما أنه يتمنى أن يستطيع إعادة كل هذه الأيام من عمره التي قضاها في دمشق من طفولته وصباه حتى كبر.
وكل هذا لأنه يحمل في داخله الكثيرمن مشاعر الحب لبلاده دمشق وليست مشاعر شخص واحد فقط، حيث أن مشاعره كثيرة حتى أنه قام بتشبيهها بأنها قبيلة كاملة من العشاق لدمشق فقط وكل هذا في داخله.
كما يقول الشاعر أيضا أنه دموعه تنهمر بشدة وغزارة، وكل هذا بسبب الحزن الكبير على فراقه لبلاده دمشق، وهذه الدموع الكثيرة من شدة غزارتها يمكنها أن تسقي البحر والسحب، وهذا فيه تشبيه كبير لكمية وضخامة هذه الدموع والتي تدل على الحزن.
كما يقول الشاعر أيضا إنه عندما يشاهد أي شجرة صفصاف يحولها بشكل تلقائي لإمرأة، وهذا ليرى فيها الملامح الجميلة لدمشق. وأما المآذن يرصعها بالذهب كمآذن دمشق تماما وهذا ليتمكن من استرجاع ذكريات المآذن الموجودة في دمشق.
وأخيرا، فإن البساتين التي يمر بها كان يتمنى لو أن تبقى ملامحها عا دقة بين الأمتعة التي يحملها وهذا ليتمكن من استرجاعها وإحضارها في الغربة البعيدة التي يعيش فيها. وكل هذا بعيدا عن دمشق.
وبهذا ينتهي الجزء الأول من المقال عن تحليل قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي، ونلاحظ من هذه الكلمات البليغة المشاعر والحب الكبير الذي يكنه الشاعر لبلاده دمشق والشام وعن حنينه الكبير بكل الأماكن التي عاش فيها في دمشق.
لا تنسوا زيارة القسم المميز منوعات، فهو من الأقسام المميزة التي نناقش فيها أهم المواضيع بشكل تفصيلي في مختلف المجالات، وأيضًا نرشح لكم قراءة: أفضل وأكثر من 120 كابشن للصور الشخصية واقتباسات مميزة
مفردات قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي
استعمل الشاعر مفردات مميزة بلغية من اللغة العربية الفصحى المميزة، وهذا ليوصل المعاني الكثيرة في أقل عدد ممكن من الجمل والكلمات ليعبر عن المشاعر الفياضة التي بداخله. وأما أهم المفردات فهي كما يلي.
- ثراك: ترابك وأرضك
- العتبا: اللوم
- خلتها: ظننتها
- الهدبا: أشفار العينين
- امسحي: أزيلي
- استلقي: نامي
- التعبا: الإرهاق
- ضفاف: جوانب
- جبيني: هامتي
- أرجعيني: أعيديني
- الزواري: مفردها مزراب وهو أنبوبة من الحديد التي تركب في جانب المنزل ينزل منها الماء.
- طمرت: غطت وغمرت
- الصبا: بداية الشباب
- الشهبا: الشُّعْلَة السَّاطعة من النارِ
- صفصافة: نوع من الشجر
- رصعتها: زينتها
- ارتحلت: هاجرت
- يعيد: يرجع
- مغتربا: الذي يعيش في بلد غير بلده
- أمتعتي: أدواتي الخاصة
- الفيحاء: الأرض الكبيرة الواسعة
مواطن جمال قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي
في هذه الأبيات المميزة استعمال الشاعر أفضل التعبيرات والتشبيهات التي تدل على الحب الكبير لدمشق وعن الحنين والاهمية الكبيرة لها وأنها في النهاية ليست بلد فقط بل أنها حبيبته، حيث أن أهم المواطن للجمال كانت كما يلي:
فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا
فيا دمشـقُ لماذا نبـدأ العتبـا؟
- فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا: تعبير جميل يدل على الارتباط الكبير بين الشاعر وبين بلاده دمشق، كما يصور الاهداب بأنها فراش ويشبه دمشق أنها إنسان يتم معاتبته.
- يا دمشق: أسلوب نداء الغرض منه التعظيم.
- لماذا نبدأ العتبا: أسلوب استفهام غرضه الإنكار.
حبيبتي أنـتِ… فاستلقي كأغنيـةٍ
على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
- وهنا تعبير جميل حيث يقوم الشاعر بتصوير دمشق على أنها المحبوبة وبأغنية تستلقي على ذراعه وهذا فيه دلالة على الصورة المنعكسة لجمال دمشق وعشق الشاعر لها في كل الحالات.
- فلنستلقي: أسلوب أمر غرضه التمني.
أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ
أحببتُ بعدك..ِ إلا خلتُها كـذبا
- وفي هذه الأبيات تعبير جميل حيث يصور الشاعر دمشق بأنها امرأة وأنها مختلفة عن كل النساء وأنه من المستحيل أن يحب امرأة أخرى.
يا شامُ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها
فامسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
- وفي هذه الأبيات يصور الشاعر أن فيه حزن كبير يشعر به للحد الذي يجعل الحزن مثل البحر الذي لا توجد له أي ضفاف، وفي هذا التشبيه دليل كبير على الحزن الذي لا يوجد له حدود.
- كما يصور الشاعر بلاده بأنها المحبوبة التي فراقها جعله يحزن كل هذا الحزن الذي هو بحر لا يوجد له ضفاف دلالة على عدم وجود نهاية له.
وأرجعيني إلى أسـوارِ مدرسـتي
وأرجعي الحبرَ والطبشورَ والكتبا
- وهنا تعبير جميل حيث يقوم الشاعر بتصوير الفترة الجميلة التي كان يعيشها فى البلاد وأن وأرضه كان بينهما علاقة جيدة وكأنها كان يقضي كل هذه الفترات الجميلة مع المحبوبة.
تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ بها
وكم تركتُ عليها ذكرياتِ صـبا
- وأما في هذا البيت دلالة كبيرة على البراءة التي توجد في قلب الطفل والتي تجعله يرى الأشياء البسيطة كأنها كنوزة.
- كم هناك صورة فنية في الأبيات حيث يشبه الشاعر الأشياء البسيطة التي يراها في دمشق بأنها أفضل أنواع الكنوز.
- كلمة الزواريبُ فيها دلالة على الشاعر وعلى اختياره لبعض الألفاظ العامية وهذا لسهولة اللغة وبساطتها في إيصال المعاني.
وكم رسمتُ على جدرانِها صـوراً
وكم كسرتُ على أدراجـها لُعبا
- تكرار الجمل الخبرية في الأبيات دليل على وطنية وقرب الشاعر من بلاده حيث أنها في قلبه وأنها في ذكرياته مهما كان في أي مكان بعيد عنها.
- ووصف الشاعر أيام الطفولة التي تتمثل في بعض الكلمات والتعبيرات الجميلة مثل أيام المدرسة وأيام الذكريات في ازقة الشام.
أتيتُ من رحمِ الأحزانِ… يا وطني
أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ والشُّـهبا
- وفي هذه الأبيات جمال تصوير للأحزان وأنه جاء من الرحم أي من بدايتها ومن مكان التكون، وهذا تشبيه بأن الأحزان امرأة لها رحم.
- وفي الأبيات دلالة أيضا على الوحدة وكثرة الحزن الذي يعاني منه الشاعر.
أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ بكاملها
ومن دموعي سقيتُ البحرَ والسّحُبا
- وفي هذه الأبيات تصوير جميل ليدل على كثرة الحزن والدموع التي يعاني منها الشاعر في حياته والتي هي كثرة للحد الذي يجعلها من الممكن أن تسقي البحار أو السحب التي توجد في السماء.
فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها امـرأةً
و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها ذهـبا
- وفي الأبيات السابقة تشبيه جميل حيث يقوم الشاعر بالتصوير عن دمشق بأنها المعشوقة التي اتثارت حبه.
- وهناك جمال تصوير آخر حيث يصور الصفصاف بأنه المحبوبة وهذا فيه مزج وخلط بين الطبيعة والمرأة التي يتحدث عنها والتي هي دمشق.
هـذي البساتـينُ كانت بينَ أمتعتي
لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا
- وفي هذه الأبيات تعبير جميل دلالة كبيرة على الحزن الكثير الذي يعاني منه الشاعر حيث أنه الآن بات في اغتراب ومكان بعيد عن بلده دمشق.
وبهذا ننتهي من تحليل قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي بشكل كامل بالتفصيل، ونلاحظ من كل هذه الأبيات أن الشاعر نزار مميز قد تمكن من اختيار أفضل الطرق لوصف المشاعر التي يشعر بها والحب الكبير الذي يكنه لدمشق.
مؤلف قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي
إن مؤلف هذه القصيدة المميزة هو الشاعر نزار بن توفيق القباني، وهو شاعر سوري معاصر ولد في عام 1923 وبالتحديد في 21 من شهر مارس من أسرة دمشقية ذات مكانة عريقة في المجتمع كما أنه درس بكلية الحقوق.
وكان الديوان الأول لهذا الشاعر في عام 1944 بعد أن قدم استقالته من المجال الدبلوماسي، حيث إنه بعدها بدأ يهتم بالكلمات والحروف والشعر وأسس دار نش كاملة لنشر أعماله وكان اسم دار النشر هذه منشورات نزار قباني.
وأما قصة هذا الشاعر مع الشعر فيقول أنه ورثة هذه الموهبة وهذا الحب الكبير للشعر من والده. حيث أنه يقول أن العائلة كلها كانت تميل ناحية الشعر بكل أشكاله، بالأخص جده وذكر في مذكراته أيضا أنه خلال فترة الطفولة كان يحب الرسم ووجد نفسه يغرق بين الحروف والألوان.
وأما قصيدة من مفكرة عشر دمشقي التي تحدثنا عنها في هذا المقال وقمنا بتحليلها بشكل كامل لا تعد إلا نقطة في بحر مهارات وأشعار الشاعر نزار في العالم، حيث أن له مئات القصائد الأخرى والأعمال المميزة التي جعلته يدخل التاريخ.
بهذا ينتهي هذا المقال الشامل عن تحليل قصيدة من مفكرة عاشق دمشقي، حيث علمنا في هذا المقال المميز كل ما يخص التحليل لهذه القصيدة الرائعة التي تتناول الحب الكبير للشاعر وبلاده، وعلمنا الشرح وأهم المفردات وأهم المعلومات بشكل مختصر عن مؤلف القصيدة الشاعر نزار قباني.
بعد الانتهاء من هذا المقال المميز نرشح لكم قراءة المقال التالي لأن به فائدة لا تقل عن هذا المقال: جميع اسرار كتاب شمس المعارف الكبرى وحقائق مرعبة عنه